السبت، 4 يونيو 2016

هل يلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟

هل يلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟
1- الخبر المشهود:
  لا يمكن لإنسان أن يتعاون مع الجن إلا أن يكون كافراً, لأن من أدق تعريفات الساحر: هو الذي يتصل بالجن وقد قال عليه الصلاة والسلام:
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ "
( أخرجه النسائي عن أبي هريرة في سننه, إسناده ضعيف )
 فأي اتصال بين الجن وبين الإنس هذا الاتصال هدفه إضلال البشر، ولو لبس هذا الذي يتصل بالجن بزيّ ديني, و لو لبس عمامة خضراء هو عند رسول الله عليه الصلاة والسلام كافر، لأن هدفه إيهام الناس أن بيد الجن النفع والضر, هدفه تحويل الناس عن الله سبحانه وتعالى إليه.
 هل يلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟ أما العلوم والأخبار التي يمكن أن يلقيها الجن إلى الكهان فهي بحسب مواضيع هذه العلوم التي يلقونها، فإن كانت من العلوم التي تتعلق بالأمور المشهودة, مثلاً: في حلب نزلت أمطار غزيرة هذا اليوم, هذه من الأشياء المشهودة وليس من الأشياء الغيبية، لكن نقل الخبر قد لا يكون متيسراً للإنس قبل الاتصالات السلكية واللاسلكية, وقبل السفر السريع إلى هذه البلاد, فنقل أنباء الأمطار التي هطلت في حلب اليوم إلى الشام متعذر, فالجن أحياناً يستطيعون أن ينقلوا هذه الأخبار التي وقعت, هذا الأمر ليس من عالم الغيب و إنما هو من عالم الشهادة، فإن كانت من العلوم التي تتعلق بالأمور المشهودة أو الأخبار التي عن الوقائع الماضية، فإنها أخبار تحتمل الصدق والكذب قد يصدقون, وقد يكذبون.
  ومن جهة ثانية: لا يصح الثقة بأخبارهم لانعدام المقاييس التي بحوذتنا في معرفة صدقهم وكذبهم, فانتقال الجن سريع جداً والدليل:
﴿قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴾
(سورة النمل الآية: 39)
 قبل أن يقوم سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام من مقامه, يستطيع عفريت من الجن أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى القدس، فانتقاله سريع جداً لذلك لما قال الله عز وجل:
﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾
(سورة الرحمن الآية: 33)
 الله سبحانه وتعالى قدم الجن على الإنس, لأنهم أقدر من الإنس على خرق السموات والأرض لميزات أعطاهم الله إياها.
الاستشهاد بأمثلة من الواقع للتوضيح:
 شخص أعرفه توفي رحمه الله, سُرقت من بيته قطعة أثاث ثمينة جداً " سجادة ", فدلّه بعضهم على ضارب المندل قال: ذهبت إلى ضارب المندل, وجاء بوعاء وضع فيه زيت, وجاء بغلام صغير وصار يسأل هذا الغلام, والغلام يجيب يقول الغلام: هذه السجادة موجودة في بيت, أمام البيت حجر كبير, الباب لونه كذا, يُفتح الباب على اليمين في غرفة تدخلونها، في زاوية الغرفة في مكان عليه فرش و لحف تنزعون الفرش واللحف, هناك صندوق عليه قطن, السجادة تحت القطن, هكذا قال ضارب المندل, فقال هذا الرجل: توجهت إلى هناك وأخذنا معنا المختار, و كل شيء قاله هذا الطفل في المندل صحيح، دخلنا البيت ثم دخلنا إلى الغرفة, ووجدنا في زاوية الغرفة صندوق وفرش ولحف, فتحنا الصندوق وجدنا القطن ولكننا لم نجد السجادة ! ذهبوا لصاحب البيت فإذا هو بياع سجاد, ضربوه ولشدة الضرب قال: نعم أنا أخذتها وبعتها, واختاروا إحدى السجادات وأخذوها مكانها, قال هذا الرجل: أخذنا السجادة بنفس القياس بعد أربعة أشهر يقول لي رجل كان في السجن: أتدري من سرق من عندك السجادة ؟ قلت له: أعرفه, قال لي: لا, كنت في السجن, فحدثني أحد السجناء: أنه هو الذي دخل بيتك وسرق السجادة, أين كلام الجن ؟ كذابون, لكن معالم هذا البيت يعرفونها لا شك, لكنهم لا يعرفون من أخذ السجادة, لذلك: ضرب المندل كذب و دجل, لكن بأثناء الكلام قد يوجد بعض الحقائق ليست غيبية بل مشاهدة. هذه القصة أردت منها أن الجن في نقلهم للأخبار المشهودة يكذبون ويصدقون, فلا يعول على كلامهم, لأننا لا نملك مقاييس للتفريق بين كذبهم وبين صدقهم.
2- الخبر الغيبي:
 أما إذا كانت من المغيبات التي استأثر الله بعلمها:
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
(سورة لقمان الآية: 34)
 لا إنس ولا جن ولا نبي ولا رسول يعرف ذلك، ولا يكون التحدث بشيء منها إلا كذباً وافتراء على الله, ربنا عز وجل قال:
﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾
( سورة الأنعام الآية: 59)
 لكن لو قال عز وجل ومفاتيح الغيب عنده: هل هناك فرق ؟ نقول: هناك فرق كبير جداً, إذا قال الله عز وجل ومفاتيح الغيب عنده: معنى ذلك هي عنده, وقد تكون عند غيره, حينما قدّم الظرف على المبتدأ فقال وعنده مفاتيح الغيب, معنى ذلك أن الغيب محصور ومقصور على الله وحده, وليس لأحد كائناً من كان أن يعرفه.
 كل من قال لك: أنا أعلم ما سيكون, دجال، هذه الصرعة التي ظهرت حديثاً في كل عاصمة كبيرة كاهنة أو كاهن, يأتيها رجال من علية القوم يسألونها عن المستقبل, هل سأبقى في هذا المكان ؟ ماذا يحصل لي في المستقبل ؟ دجل في دجل، كذب في كذب، غباء في غباء, لا يعلم الغيب إلا الله.
  أما المغيبات التي قُضي أمرها في السماء, وأصبحت معلومة لذوي الاختصاص من الملائكة، كما أصبحت معدة لتبليغها للملائكة, جاء فيها حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْملائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ "
( ورد في الأثر )
﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾
(سورة الذاريات الآية: 32-34)
 هكذا قالت الملائكة: لسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام, لا تزال القرية بحالها، الأمر لا يزال طبيعي جداً, لكن الملائكة أباحوا لسيدنا إبراهيم أنّا أُرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين, فهل هذا من قبيل علم الغيب ؟ لا, هذا القرار اتخذ في السماء وبُلغ لأصحاب العلاقة لينفذوه, من هذا القبيل قال عليه الصلاة والسلام
" إِنَّ الْملائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ "
( ورد في الأثر )
 يعطوك خبر صحيح، ويمرقوا عليه مليون خبر كذب، عملية استراق أمر قضى الله به في السماء, وبُلغ للملائكة لتنفيذه يأتي الشيطان فيسترق هذا الخبر ليوحيه للكاهن، يقوله للناس، فيوهم الناس أنه يعلم الغيب, وهذا هو استراق الشياطين السمع من الملائكة بعد نزولهم إلى جو الأرض وليس من السماء, كما كان دأبهم قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومُنعوا بالشهب:
﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً ﴾
(سورة الجن الآية: 9)
﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً﴾
( سورة الجن الآية: 8)
 وفي تكذيب من يلقي سمعه للشياطين وإثمه الكبير قال تعالى في سورة الشعراء:
﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾
( سورة الشعراء الآية: 221- 223)
 لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت, هذا الذي يُلقي أذنه للشيطان هو أفّاك أثيم، ضالٌ مُضل قال الله:
﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾
( سورة الشعراء الآية: 221-222)
 أي تعاون بين أي إنسان وبين أي شيطان, هذا دليل قطعي على أن هذا الإنسان أفاك أثيم, ولو لبس جبّة, ووضع على رأسه عمامة خضراء, ولقّبَّ نفسه الولي الفلاني.
 هنا آية أعظم وأوضح في أن الجن لا يعلمون الغيب أبداً, سيدنا سليمان قبضه الله عز وجل وهو مستندٌ إلى عكازه قيل: بقي مدة طويلة لا يدري كم بقي ؟ إلى أن جاءت دابة الأرض يعني السوسة ونخرت في هذه العكازة، حتى أتت عليها كلها, فلما أتت عليها كلها انكسرت فوقع سيدنا سليمان، قال تعالى:
﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾
(سورة سبأ الآية: 14)
 كان يكلفهم بأعمال شاقة فكانوا يتحملونها خوفاً منه، لو أنهم يعلمون الغيب بمجرد أن قبضه الله عزّ وجل لخففوا من هذه الأعمال، فربنا عز وجل جاء بهذه القصة ليؤكد بشكل قاطع، ودليل قطعي على أن الجن لا يعلمون الغيب.
  الجن لا تعلم الغيب، وقولاً واحداً ليس للجن تأثير على الإنسان تأثير جسماني, شخص وقع في الساعة, فيه نوعان: نوع مرض عصبي، و نوع من تأثير الشياطين, المرض العصبي كما قال بعض الأطباء: تخريش بالدماغ هذه تعالج, لكن قد يكون بعض أنواع الصرع إذا خاف الإنسان من الشيطان و اعتقد به, و استسلم له، وتوهم أنه ينفعه أو يضره، و أشركه مع الله عز وجل، عندئذٍ يقع تأثيره عليه.

الشيخ الدكتور/ حسام  المصيلحى   وزوجته 
عمل حجامة فى منزلك
فك أعمال السحر وعلاج مس الجان
ورقية شرعية تبعدك عن الحسد

01117799760

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق